سجن المدوّن سليم الجبالي : تتالت الانتهاكات في عهد الرئيس السّبسي ومستقبل الحريات في تونس بات في خطر ؟

يمكن الجزم انه زمن دولة الباجي قمعت الحريات وصنصرت مقالات وبرامج و صودرت صحف وحوكمت كتب وسجن عشرات المدونين والصحفيين من اجل حرية الرأي والتعبير والنشر المكفولة في دستور 2014 (الفصل 31 من الدستور المتعلق بحق الاعلام وحق النفاذ الى المعلومة ) فالتضييق على حرية الرأي و التعبير في منظومة الحكم الجديد أصبحت العملة الرائجة في السياسة المميزة لرئيس الجمهورية الذي لاحق الصحفيين والمدونين وهرسلهم و ضايقهم وأحالهم على القضاء العسكري والعدلي لتصدر في شانهم أحكام سجنية وهو ما أثار القلق بشان مستقبل الحريات في تونس ؟

فمنذ وصول ركب المحامي الباجي قايد السبسي إلى سدّة الحكم أواخر سنة 2014 تراجع منسوب حرية التعبير في تونس بشكل مثير حتى أصبحنا نسمع كل يوم عن سجن صحفي من اجل مقالين حول شبهة فساد الصفقات العسكرية والأمنية (محمد ناعم الحاج منصور) وحبس مدوّن من اجل تحديثة على الفايسبوك أو تغريدة على تويتر (ياسين العياري – جابر الماجري – ماهر زيد - عصام الدردوري – وليد زروق – ايناس بن عثمان - سلوى العياري -  عبد الفتاح سعيد -  نبيل الرابحي – سليم الجبالي ...) وكذلك إحالة كاتب أو ناشر على التحقيق من اجل إصدار كتاب (الشقيقان محمد ناعم والمعز الحاج منصور) ووصل الأمر إلى حد منع صحيفة من الصدور ومصادرة كل نسخها من المطبعة (الجريدة الاستقصائية الثورة نيوز) ؟

المكسب الوحيد الذي غنمه الشعب من ثورة البراوطيّة ونعني به حريّة التعبير شرع الرئيس الباجي في إستئصاله من الجذور فأعطى التعليمات بسجن كل من ينتقده أو ينتقد احد أفراد عائلته ... كل شيء في تونس بات يدل على عودة النظام الدكتاتوري المستبد بأشرس ممّا كان عليه زمن بن علي ، فاليوم المحاكم العسكرية الصوريّة وغدا محاكم أمن الدولة واليوم سجن لأشهر وغدا حبس لسنوات أو إعدام رميا بالرصاص وستطول المحاكمات كل الإعلاميين والمدونين والكتاب والناشرين والشعراء على حدّ سواء بسبب انتقاداتهم ومواقفهم وآرائهم.... ؟

إن أولى أوليات حرية الرأي والتعبير هو الاعتراف بأن المجتمع المتعدد الأديان والمذاهب ،لا تضع السلطة فيه مقدسات وثوابت مجموعة معينة فوق النقد و لو كانت الأغلبية، ولا تحاكم معتقدات وأفكار مجموعات أخرى ولو كانت أقلية صغيرة أو أفرادا معدودين أو فردا واحدا، وبالتالي لا تتدخل في الجدل والانتقادات المتبادلة لتسحب ساحات الحوار والنقد إلي ساحات المحاكمة والعقاب... عندما تطول المحاكمات فضاء الإنترنت وشعب الفايسبوك، أوسع ساحات الكلام وأيسر وسائط التعبير لمن لا منبر لهم، وبعد ثورة انطلقت شرارتها بالأساس احتجاجا على التضييق على الحريات وانتهاك حقوق الإنسان فإن ذلك نذير خطير بتقلّص كافة مساحات حرية التعبير في تونس... ؟

المتضامنون مع سليم الجبالي الشهير بكنية محمد علي الوزير وصاحب صفحة وزير ضغط الدم والسكر والذي تمّ حبسه للمرّة الثانية مساء يوم أمس 10 أوت 2017  والمنددون بالتحريض عليه واحتجازه ومحاكمته بسبب تعبيره على الإنترنت الذي تم اتهامه بسببه ، يختلفون أو يتفقون مع مضمون أو أسلوب تعبيره، ولكنهم يرفضون ابتداء الذهاب بالكلمات وأصحابها إلى المحاكم.


Commentaires